مفهوم الشخص
هوية الشخص
واجــب منزلي
«إن المعيار الغالب للحكم على أن الشخص هُوَ هُوَ، كما يرى الحس العام، هو استمرارية الجسد المادية عبر الزمن، وهو المعيار نفسه الذي نستخدمه للحكم على أن الدراجات الهوائية أو غيرها هي نفسُها دون سواها. أما إذا تحدثنا بخلاف ذلك، فإن حديثنا سيكون على سبيل الاستعارة (كأن أقول مثلا أنا إنسان جديد)، فلو صَحَّ هذا القول لما كان بوسعي التفوه به. وحقيقةً أننا نشعر أن هويتنا الجسدية عبر الزمن أمر معقد وأنها تتأكد من خلال المعرفة الداخلية بماضينا التي تأتي بها الذاكرة. يجب ألا يُثير دهشتَنا على الإطلاق كون الذاكرة نفسها تتصل بالضرورة بأدمغتنا وبأجسادنا. وإذا كانت ذكرى الماضي قد سببها ما حدث لنا، أي ما حدث لأجسادنا وأدمغتنا، فمن غير المدهش أن استمرارية هذه الأجساد عبر الزمن يجب في بعض الأحيان على الأقل، أن يتأكد من خلال معيار الذاكرة».
— الامتحان الوطني لمادة الفلسفة، دورة يونيو 2010 (الشعب العلمية والتقنية والأصيلة)
نص شوبنهاور: الهوية والإرادة
«على ماذا تتوقّف هوية الشخص؟ ليس على مادّة جسمه، فإنّ هذه تتجدّد في بضعة أعوام، وليس على صورة هذا الجسم، لأنّه يتغيّر في مجموعه وفي أجزائه المختلفة، اللهمّ إلاّ في تعبير النظرة، ذلك أنّه بفضل النظر نستطيع أن نتعرّف على شخص ولو مرّت سنوات عديدة، وباختصار فإنّه رغم التحوّلات التي يحملها الزمن إلى الإنسان، يبقى فيه شيء لا يتغيّر، بحيث نستطيع بعد مضي زمن طويل جدّا أن نتعرّف عليه، وأن نجده على حاله، وهذا ما نلاحظه أيضا على أنفسنا، فقد نشيخ ونهرم، ولكنّنا نشعر في أعماقنا أنّنا ما زلنا كما كنّا في شبابنا، بل حتّى في طفولتنا، هذا العنصر الثابت الذي يبقى دائما في هويّة مع نفسه دون أن يشيخ أو يهرم أبدا، هو بعينه نواة وجودنا الذي ليس في الزمان، وقد يرى الناس عامة أنّ هويّة الشخص تتوقّف على هويّة الشعور، فإذا كنّا نعني بهذا الذكرى المترابطة لمسار حياتنا، فإنّها لا تكفي لتفسير الأخرى (أي هويّة الشخص)، وليس من شكّ أنّنا نعرف عن حياتنا الماضية أكثر ممّا نعرف عن رواية قرأناها ذات مرّة، ورغم ذلك فإنّ ما نعرفه عن هذه الحياة قليل، فالحوادث الرئيسية والمواقف الهامّة محفورة في الذاكرة، أمّا الباقي فكلّ حادثة نذكرها تقابلها آلاف الحوادث التي يبتلعها النسيان، وكلّما هرمنا توالت الحوادث في حياتنا دون أن تخلّف وراءها أثرا، ويستطيع تقدّم السنّ أو المرض، أو إصابة في المخّ أو حمق أن يحرمنا كلّية من الذاكرة، ومع ذلك فإنّ هويّة الشخص لا يفقدها هذا الاختفاء المستمرّ للتذكّر، إنّها تتوقّف على الإرادة التي تظلّ في هويّة مع نفسها، وعلى الطبع الثابت الذي تمثّله (...)، ولا شكّ أنّنا قد تعوّدنا تبعا لعلاقتنا بالخارج أن نعتبر الذات العارفة هي ذاتنا الحقيقية، ذاتنا العارفة التي تغفو في المساء ثمّ تستغرق في النوم، للتألّق في الغد تألّقا أقوى، ولكن هذه الذات ليست سوى وظيفة بسيطة للمخّ، وليست هي ذاتنا الحقيقية، أمّا هذه التي هي نواة وجودنا، فهي التي تختفي وراء الأخرى، وهي التي لا تعرف في قراراتها غير شيئين: أن تريد أو ألاّ تريد».
(أرثور شوبنهاور، العالم بوصفه إرادة وتمثّلا، ترجمة بوردو، م. ج. ف، 1966.3 ص: 943)
الأسئلة:
- 1. بين النقد الذي وجّهه شوبنهاور للجسد والذاكرة.
- 2. ما هو أساس هوية الشخص عند شوبنهاور؟
- 3. ابحث عن تعريف لمفهوم الإرادة عند شوبنهاور.
أرثور شوبنهاور (1788 – 1860) هو فيلسوف ألماني بارز ومؤسس الفلسفة المثالية الواقعية. ركّز على مفهوم الإرادة كجوهر أساسي للوجود البشري، واعتبر أن الإرادة تتجاوز الفكر والوعي لتكون نواة هوية الإنسان الحقيقية. أثر عمله على الفلسفة والأدب وعلم النفس، وكان له تأثير عميق على الفكر الأوروبي الحديث.
نص جون لوك: الوعي والهوية الشخصية
لكي نهتدي إلى ما يكون الهوية الشخصية لا بد لنا أن نتبين ما تحتمله كلمة الشخص من معنى. فالشخص، فيما أعتقد، كائن مفكر عاقل قادر على التعقل والتأمل، وعلى الرجوع إلى ذاته باعتبار أنها مطابقة لنفسها، وأنها هي نفس الشيء الذي يفكر في أزمنة وأمكنة مختلفة. ووسيلته الوحيدة لبلوغ ذلك هو الشعور الذي يكون لديه عن أفعاله الخاصة. وهذا الشعور لا يقبل الانفصال عن الفكر بل هو، فيما يبدو لي، ضروري وأساسي تماما بالنسبة للفكر، ما دام لا يمكن لأي كائن [بشري] كيفما كان، أن يدرك إدراكا فكريا دون أن يشعر أنه يدرك إدراكا فكريا.
عندما نعرف أننا نسمع أو نشم أو نتذوق أو نحس بشيء ما أو نتأمله أو نريده، فإنما نعرف ذلك في حال حدوثه لنا. إن هذه المعرفة تصاحب على نحو دائم إحساساتنا وإدراكاتنا الراهنة، وبها يكون كل واحد منا هو نفسه بالنسبة إلى ذاته. وفي هذه الحالة لا نأخذ في الاعتبار ما إذا كانت الذات نفسها تبقى مستمرة في الجوهر نفسه أو في جواهر متنوعة. إذ لما كان الوعي يقترن بالفكر على نحو دائم، وكان هذا هو ما يجعل كل واحد هو نفسه، ويتميز به، من ثم، عن كل كائن مفكر آخر، فإن ذلك هو وحده ما يكون الهوية الشخصية أو ما يجعل كائنا عاقلا يبقى دائما هو هو. وبقدر ما يمتد ذلك الوعي بعيدا ليصل إلى الأفعال والأفكار الماضية، بقدر ما تمتد هوية ذلك الشخص وتتسع. فالذات الحالية هي نفس الذات التي كانت حينئذ، وذلك الفعل الماضي إنما صدر عن الذات نفسها التي تدركه في الحاضر.
جون لوك، مقالة في الفهم البشري، الكتاب II، فصل 27، فقرة 9.
ترجمه إلى الفرنسية ونشره إميليان نايرت، باريس، 1994، ص 264-265.
الأسئلة:
- 1. حدد مفهوم الشعور حسب جون لوك.
- 2. ما الفرق بين الفكر والشعور؟
- 3. ما الذي يقصده جون لوك بقوله: "هذه المعرفة تصاحب على نحو دائم إحساساتنا"؟
- 4. ما الذي يجعل الهوية تمتد عبر الزمن حسب جون لوك؟
- 5. قارن بين تصور ديكارت وتصور جون لوك للهوية الشخصية.
جون لوك (1632 – 1704) هو فيلسوف إنجليزي بارز ومؤسس الفلسفة التجريبية. يرى أن الإنسان يولد بعقل صفحة بيضاء تُكتب عليها المعرفة من خلال التجربة والحواس. دافع عن الحرية الفردية والحقوق الطبيعية مثل الحياة والحرية والملكية، وكان لأفكاره أثر كبير في الفكر الفلسفي والسياسي الحديث.
نص ديكارت الهوية و الفكر
أي شيء أنا إذن؟ أنا شيء مفكر وما الشيء المفكر؟ إنه شيء يشك ويفهم، ويتصور، ويثبت، وينفي، ويريد، ويتخيل، ويحس أيضا. إنه ليس بالأمر اليسير أن تكون هذه كلها من خصائص طبيعتي. ولم لا تكون من خصائصها؟ ألست أنا ذلك الشخص نفسه الذي يشك الآن في كل شيء تقريبا؟ وهو مع ذلك يفهم بعض الأشياء ويتصورها ويؤكد أنها وحدها صحيحة، وينكر سائر ما عداها، ويريد أن يعرف غيرها، ويأبى أن يخدع ويتصور أشياء كثيرة على الرغم منه أحيانا، ويحس منها الكثير أيضا بواسطة أعضاء الجسم؟ فهل هناك من ذلك كله شيء لا يعادل في صحته اليقين بأني موجود؟ حتى لو كنت نائما دائما وكان من منحني الوجود يبذل كل ما في وسعه من مهارة لإضلالي؟ وهل هنالك أيضا صفة من هذه الصفات يمكن تمييزها عني أو يمكن القول بأنها منفصلة عني؟ فبديهي كل البداهة أنني أنا الذي أشك وأنا الذي أفهم وأنا الذي أرغب، ولا حاجة إلى شيء لزيادة الإيضاح. ومن المحقق كذلك أن لدي القدرة على التخيل: لأنه على الرغم من أنه من الممكن – كما افترضت فيما سبق – أنه لا شيء مما أتخيل بحقيقي، فإن هذه القدرة على التخيل لا تنفك أن تكون جزءا من فكري. وأنا أخيرا الشخص عينه الذي يحس أي الذي يدرك أشياء معينة بواسطة الحواس. من هنا بدأت أعرف أي شيء أنا بقدر من الوضوح والتميز يزيد عما كنت أعرف من قبل.
روني ديكارت، التأملات الميتافزيقية
الكتاب المدرسي: منار الفلسفة، الثانية باكلوريا
الأسئلة:
- 1. حدد المفهوم المركزي للنص؟
- 2. حدد صفات التفكير التي ذكرها النص وارسمها في خطاطة.
- 3. لماذا صفات التفكير هذه دليل على وجوده؟
- 4. ابحث عن مفهوم البداهة؟
- 5. هل يمكن في نظرك أن تكون الحواس جزءا من التفكير؟
- 6. يطرح ديكارت قضية الشك كجزء من إثبات وجوده، ابحث عن الشك الديكارتي وبين أهميته في بناء أطروحته؟
رينيه ديكارت (1596-1650) هو فيلسوف وعالم رياضيات فرنسي يُعتبر مؤسس الفلسفة الحديثة. اشتهر بمنهجه القائم على الشك المنهجي، ومقولته الشهيرة "أنا أفكر، إذن أنا موجود". أثر ديكارت بشكل كبير في تطور الفكر الفلسفي والعلمي في أوروبا، وترك بصمة واضحة في مجالات الرياضيات والمنطق والميتافيزيقا.
1. حدد المفهوم المركزي للنص؟
المفهوم المركزي للنص هو جوهر الذات ككائن مفكر. ديكارت يؤكد أن الإنسان لا يُعرف من خلال الجسد أو الحواس، بل عبر النشاط العقلي المستمر. الفكر، بكل تجلياته – الشك، الفهم، الإرادة، التخيل – يشكل أساس الهوية الذاتية ويمنح للذات استقلالها وتميزها. بهذا، الهوية تتأسس على الوعي الداخلي المستمر وليس على الخصائص المادية العابرة.
2. حدد صفات التفكير التي ذكرها النص وارسمها في خطاطة.
الصفات الفكرية الأساسية عند ديكارت: الشك، الفهم، التصور، الإثبات والنفي، الإرادة، التخيل، والحس (تابع).
خطاطة فلسفية:
التفكير (جوهر الذات)
- الشك: أداة منهجية لتفكيك المعتقدات المحتملة.
- الفهم: القدرة على إدراك الحقائق العقلية.
- التصور: تكوين صور ذهنية، حتى لو لم تكن موجودة خارجيًا.
- الإثبات/النفي: القدرة على الحكم والتمييز بين الصواب والخطأ.
- الإرادة: القدرة على الاختيار الحر.
- التخيل: ابتكار المحتوى العقلي وتجربة الإمكانيات.
- الحس: إدراك العالم الخارجي كأداة للتجربة، تابع للفكر.
3. لماذا صفات التفكير هذه دليل على وجوده؟
هذه الصفات لا يمكن أن توجد إلا إذا كانت هناك **ذات فاعلة وموجودة بذاتها**. الشك يثبت وجود الذات لأنه لا يمكن أن يشك إلا إذا كان موجودًا. التخيل والإرادة والحس تظهر أن العقل ليس مجرد حالة عابرة، بل **كيان مستمر وقادر على النشاط الذاتي**. بهذا، تصبح الذات حقيقة لا يمكن إنكارها، مستقلة عن العالم الخارجي، وتكوّن أساسًا معرفيًا لا غنى عنه.
4. ابحث عن مفهوم البداهة؟
البداهة عند ديكارت هي معرفة واضحة ومستقلة عن الاستدلال. في النص، يقين وجود الذات كمفكر هو بداهة: حتى في الشك المطلق، الذات تظهر مباشرة للعقل، كمعرفة لا تحتاج إلى دليل إضافي. هذه البداهة تؤسس لليقين الأولي الذي يُبنى عليه كل الفكر الفلسفي والمعرفي اللاحق.
5. هل يمكن في نظرك أن تكون الحواس جزءا من التفكير؟
الحواس تقدم للذات بيانات عن العالم الخارجي لكنها ليست جوهر التفكير. العقل هو الأساس اليقيني للذات، بينما الحواس عرضة للخطأ والخداع. فلسفيًا، الحواس أدوات للفكر وليس الجوهر؛ هي **وسيلة لإثراء المعرفة** لكنها لا تثبت الهوية الذاتية كما يفعل النشاط العقلي.
6. يطرح ديكارت قضية الشك كجزء من إثبات وجوده، ابحث عن الشك الديكارتي وأهميته في بناء أطروحته؟
الشك الديكارتي منهج فلسفي يقوم على التشكيك في كل المعتقدات غير المؤكدة للوصول إلى يقين مطلق. حتى لو كان هناك "مخادع خارق" يحاول إيهام العقل، فإن الذات كمفكر تظل واضحة بداهة. أهمية الشك:
- تمييز اليقين عن الظن والخطأ.
- تأسيس معرفة فلسفية متينة قائمة على العقل.
- توفير قاعدة صلبة لكل استدلال لاحق في الفلسفة والميتافيزيقا.
أرثور شوبنهاور (1788 – 1860) هو فيلسوف ألماني بارز ومؤسس الفلسفة المثالية الواقعية. ركّز على مفهوم الإرادة كجوهر أساسي للوجود البشري، واعتبر أن الإرادة تتجاوز الفكر والوعي لتكون نواة هوية الإنسان الحقيقية. أثر عمله على الفلسفة والأدب وعلم النفس، وكان له تأثير عميق على الفكر الأوروبي الحديث.
الشخص بوصفه قيمة
النص الأول لكانط
يوجد الإنسان وبوجه عام كلّ كائن عاقل بوصفه غاية في ذاته، وليس مجرّد وسيلة يمكن أن تستخدمها هذه الإرادة أو تلك وفق هواها، ففي جميع هذه الأفعال، كما في تلك التي تخصّ ذاته والتي تخصّ الكائنات العاقلة الأخرى، يجب دائما اعتباره غاية في ذات الوقت. إنّ جميع موضوعات الميول ليس لها إلاّ قيمة مشروطة، ذلك لأنّه لو كانت الميول والحاجات المشتّقة منها غير موجودة لكان موضوعها بدون قيمة، لكنّ الميول ذاتها بوصفها مصادر للحاجة، لها قدر قليل من القيمة المطلقة التي تمنحها الحقّ في أن تكون مرغوبة لذاتها، وأكثر من ذلك، ينبغي على كلّ كائن عاقل أن يجعل أمنيته الكلّية هي التحرّر التامّ منها، ومن هنا فقيمة جميع الموضوعات التي نكتسبها بفعلنا هي دائما قيمة مشروطة، فالموجودات التي يعتمد وجودها، والحقّ يقال لا على إرادتنا، بل على الطبيعة ما دامت موجودات محرومة من العقل، ليس لها مع ذلك إلاّ قيمة نسبية، قيمة الوسائل، وهذا هو السبب الذي من أجله يدعوها المرء أشياء، بينما الموجودات العاقلة تدعى أشخاصا، ذلك أنّ طبيعتها تدلّ على من قبل بوصفها غايات في ذاتها، أعني شيئا لا يمكن استخدامه ببساطة كوسيلة، شيء يحدّ بالتالي من كلّ قدرة على التصرّف حسب هوانا (وهو موضوع احترامنا). تلكم إذن ليست مجرّد غايات ذاتية، يملك وجودها من حيث هو معلول لفعلنا، قيمة بالنسبة إلينا، بل هي غايات موضوعية أعني أشياء وجودها غاية في ذاته، بل وتكون غاية بحيث لا يمكن أن نستبدل بها أيّة غاية أخرى، ويلزم أن تقوم بخدمتها الغايات الموضوعية بوصفها مجرّد وسائل (...). وعلى ذلك، فإذا كان لا بدّ للعقل من مبدأ عملي أسمى، كما لا بدّ للإرادة الإنسانية من أمر مطلق، فإنّ هذا المبدأ يلزم أن يكون بحيث يكون بالضرورة عند تمثّل ما هو غاية في ذاته غاية لكلّ إنسان، فهو يشكّل مبدأ موضوعيا للإرادة، ويمكن بالتالي أن يكون بمثابة قانون عملي كلّي، وأساس هذا المبدأ هو التالي: إنّ الطبيعة العاقلة توجد كغاية في ذاتها.
(إمانويل كانط، أسس ميتافيزيقا الأخلاق، ترجمة فيكتور دلبوس، دولاغراف، 1969، ص: 148-149)
الأسئلة:
- حلل النص وناقشه.
النص الثاني لكانط
يعتبر الإنسان داخل نظام الطبيعة (كظاهرة من ظواهر الطبيعة وكحيوان عاقل) غير ذي أهمية قصوى، إذ أنه يمتلك مع مجموع الحيوانات الأخرى – بوصفها منتوجات للأرض – قيمة مبتذلة. لكن ما جعله – إضافة إلى امتلاكه ملكة الفهم – يسمو على جميع الكائنات الأخرى هو كونه قادرا على تحديد غايات لنفسه.
لا يكسب بذلك إلا قيمة خارجية نفعية، هذا بالرغم من كوننا قادرين على تفضيل هذا الإنسان عن ذاك (وكأننا أمام تجارة للبشر). الأمر الذي يؤدي بنا إلى القول إن الإنسان يقوم بسعر وكأنه بضاعة داخل تجارة للبشر، منظورا إليهم من زاوية الحيوان أو الأشياء، لكن سعره ذاك يظل أقل قيمة من قيمة متوسط العملة السائدة والتي تؤخذ كقيمة عليا.
لكن عندما نعتبره كشخص، أي كذات لعقل أخلاقي عملي، سنجده يتجاوز كل سعر. وبالفعل لا يمكن أن نقدر الإنسان – بوصفه كذلك أي بوصفه شيئا في ذاته – فقط كوسيلة لتحقيق غايات الآخرين أو وسيلة لتحقيق غاياته الخاصة، بل يمكن تقديره كغاية في ذاته، وهذا معنى أنه يمتلك كرامة (وهي قيمة داخلية مطلقة). وبامتلاكه لهذه القيمة يرغم كل الكائنات العاقلة الأخرى على احترام ذاته، ويتمكن من مقارنة ذاته بكل مخلوقات نوعه، ويتبادل معها نفس الاحترام على أساس قاعدة المساواة.
وهكذا تكون الإنسانية التي تجثم في شخصه موضوع احترام يمكنه أن يلزم به كل الآخرين، ولن يستطيع أي إنسان أن يحرم نفسه منه أو أن يتخلى عنه. وهذا يعني أنه لا ينبغي عليه أن يبحث عن غايته – وهذا من واجباته – بطريقة منحطة، ولا ينبغي عليه أن يتخلى عن كرامته، بل يجب عليه دائما أن يحافظ على الوعي بالخاصية السامية لتكوينه الأخلاقي الذي يدخل ضمن مفهوم الفضيلة. إن هذا الاحترام للذات إذن هو واجب على كل إنسان تجاه نفسه.
(إيمانويل كانط، ميتافيزيقا الأخلاق – الجزء الثاني، ص 108-109)
الأسئلة:
- حلل النص و ناقشه.
إِيمانويل كانط (1724-1804) فيلسوف ألماني يُعدّ من أبرز فلاسفة التنوير في أوروبا. وضع أسس الفلسفة النقدية التي تبحث في حدود العقل البشري ومصدر المعرفة. من أهم مؤلفاته: «نقد العقل الخالص» و«أسس ميتافيزيقا الأخلاق»، حيث أكّد على كرامة الإنسان واعتباره غاية في ذاته لا وسيلة.
الأجوبة
الشخص بين الضرورة و الحرية
واجــب منزلي
«إن المعيار الغالب للحكم على أن الشخص هُوَ هُوَ، كما يرى الحس العام، هو استمرارية الجسد المادية عبر الزمن، وهو المعيار نفسه الذي نستخدمه للحكم على أن الدراجات الهوائية أو غيرها هي نفسُها دون سواها. أما إذا تحدثنا بخلاف ذلك، فإن حديثنا سيكون على سبيل الاستعارة (كأن أقول مثلا أنا إنسان جديد)، فلو صَحَّ هذا القول لما كان بوسعي التفوه به. وحقيقةً أننا نشعر أن هويتنا الجسدية عبر الزمن أمر معقد وأنها تتأكد من خلال المعرفة الداخلية بماضينا التي تأتي بها الذاكرة. يجب ألا يُثير دهشتَنا على الإطلاق كون الذاكرة نفسها تتصل بالضرورة بأدمغتنا وبأجسادنا. وإذا كانت ذكرى الماضي قد سببها ما حدث لنا، أي ما حدث لأجسادنا وأدمغتنا، فمن غير المدهش أن استمرارية هذه الأجساد عبر الزمن يجب في بعض الأحيان على الأقل، أن يتأكد من خلال معيار الذاكرة».
— الامتحان الوطني لمادة الفلسفة، دورة يونيو 2010 (الشعب العلمية والتقنية والأصيلة)
أرثور شوبنهاور (1788 – 1860) هو فيلسوف ألماني بارز ومؤسس الفلسفة المثالية الواقعية. ركّز على مفهوم الإرادة كجوهر أساسي للوجود البشري، واعتبر أن الإرادة تتجاوز الفكر والوعي لتكون نواة هوية الإنسان الحقيقية. أثر عمله على الفلسفة والأدب وعلم النفس، وكان له تأثير عميق على الفكر الأوروبي الحديث.